أخبار الإنترنت
recent

العقل الاستهلاكي: من الخيال إلى الضلال


       سنكتشف في هذا المقال كيف يتحول العقل إلى عقل استهلاكي؟ وكيف يتعزز ذلك في ظل صناعة الترفيه والتسلية؟ وكيف ينتقل العقل من الخيال إلى الضلال؟
الترفيه والنقد:
       إن وسائل الإعلام تركز على الترفيه والتسلية والأشياء التافهة من فضائح وجرائم واختلاسات, وأخبار لا تسمن ولا تغني من جوع, وهذا ما يؤدي إلى وأد العقل النقدي لأنه لا يحصل على المعلومات المفيدة التي يحتاجها لممارسة العملية النقدية, وبالتالي يعمل على الاستقبال السلبي للمعلومات, وكما هو معروف في العلوم الطبيعية أن العضو الذي لا يعمل يضمحل, فكذلك العقل الذي لا يعمل يضمحل ويضعف شيئا فشيئا حتى يصبح خاملا عاطلا عن النقد البناء والتفكير الناقد, متحولا بذلك إلى عقل يستهلك كل ما يتعرض له دون أدنى نقد.
       كما أن الجمهور يفقد نتيجة لتركيز وسائل الإعلام على التسلية والترفيه والمواد الخفيفة والإثارة والمواد ذات الطابع الجنسي حقه في الحصول على المعرفة التي تساهم في تطوير قدراته العقلية والثقافية.
من الخيال إلى الضلال:
       كما أن صناعة التسلية والترفيه محملة بالقيم حيث تضخ صناعة وسائل الاتصال ألوانا مختلفة من التسلية والترفيه, منكرة طوال الوقت وجود أي تأثير فيما وراء الهروب المؤقت من الواقع وحالة الاسترخاء المنتشية. لكن تأثيرها على القيم يفوق كل التوقعات, لأن الفرد يلجأ إلى الترفيه والتسلية بعد الانتهاء من العمل الشاق, والضغوطات اليومية, فيسترخي لمشاهدتها, فالاسترخاء يعتبر من أهم الأساليب لتمرير المعلومات إلى العقل المستهدف, كما أن الشخص المتعب يكون عقله مرهق وبالتالي فانه غير قادر على النقد فيعمد إلى الاستهلاك اللاعقلاني لما يتعرض له من أفكار وقيم, خاصة إذا كانت هذه القيم مضمرة في طابع خيالي, لأن تأثيرها يكون أشد وأقوى على حد قول اريك بارنو الذي يرى أن مفهوم الترفيه هو "مفهوم شديد الخطورة, إذ تتمثل الفكرة الأساسية للترفيه في أنه لا يتصل من بعيد أو من قريب بالقضايا الجادة للعالم, وإنما هو مجرد شغل أو ملء ساعة من الفراغ, والحقيقة أن هناك إيديولوجية مضمرة بالفعل في كل أنواع القصص الخيالية. فعنصر الخيال يفوق في الأهمية العنصر الواقعي في تشكيل آراء الناس". لأنه يخاطب اللاوعي بطريقة غير مباشرة.
       في الأخير، أود أن تتساءل عزيزي القارئ: هل يريدون تسليتك حقا؟ ! ومجانا؟ ! وماذا ستخسر مقابل ذلك؟ ! لأن الربح والخسارة متقابلان في السوق الإعلامية.

الدكتور جمال زاوي

الدكتور جمال زاوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.