أخبار الإنترنت
recent

قصة نجاحي


      لا ينصح بقراءة هذه القصة لذوي القلوب الضعيفة... انها قصة نجاح مخضب بالدماء، ومسيرة تفوق مليئة بالتحديات، ذنبي أنني كنت من المتفوقين طيلة مساري الدراسي من الابتدائية إلى الجامعة، طريق حافل بالتكرميات ومليء بالمفاجئات.
بداية غير موفقة:
       أحببت الدراسة من الصغر، وازدادت فرحتي عندما حان وقت الإلتحاق بالمدرسة لأول مرة، ولكن الفرحة لم تدم كثيرا، فبعد مضي بضعة أشهر قرر والدي ترك المدينة والرحيل إلى مدينة أخرى، فتبخر حلمي، وتفاجئت برفض تسجيلي في مدرسة من مدارس المدينة الجديدة، وضاع عامي الأول هباء منثورا، بين تعسف المدارس، وقهر المسؤولين.
الإبتدائية:
دخلت المدرسة وأنا ابن سبع سنين، أكبر أقراني بسنة كاملة، وحاولت تجاوز هذا الأمر مع مرور الوقت، لكن البداية لم تكن موفقة فقد بدأت معاناتي مع المرض، فلم أستطع مواصلة الدراسة لأنني مرضت طيلة الفصل الأول، وبعد أن تعافيت قليلا لحقت بامتحان واحد فقط، لأن الامتحانات كانت على مشارف الانتهاء، فاجتزت ذلك الإمتحان، وتحصلت على المرتبة 27 أي الأخير في القسم، وفي الفصل الثاني أعجبتني "معاملة" المعلم للطلبة النجباء، فقررت أن أكون واحدا منهم، فاجتهدت كثيرا لأتحصل على المرتبة الأولى في الفصل الثاني، وقد حافظت عليها طيلة المرحلة الابتدائية.

المتوسطة:
إنتقلت بعدها إلى المتوسطة أين واصلت نفس التفوق وحافظت على المرتبة الأولى طيلة هذه المرحلة بمعدل لم ينزل تحت الثمانية عشر، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان.



العودة بعد الموت:
       تعود هذه الأحداث إلى صائفة 1998 عندما كنت أحاول تعلم السباحة، حيث اصطحبت ذات صباح أخي الصغير إلى بركة كبيرة غير بعيدة عن منزلنا، لنتعلم السباحة، وعند وصولنا طلبت منه أن يبقى بعيدا ويراقبني، فإذا لم أستطع الخروج يذهب ليخبر والدي بذلك، وبعد دقائق من دخولي غرقت في قاع تلك البركة الكبيرة جدا، وفقدت الوعي تماما، وذهب أخي بسرعة ليخبر والدي الذي كان يبعد عن تلك البركة بحوالي واحد كيلومتر، وبعد وصوله لم يستطع الدخول إلى البركة لأنه لا يحسن السباحة، فأرسل أخي إلى ابن عمي الذي كان يعمل بعيدا عن البركة بحوالي 2 كم، وبعد وصوله قفز إلى داخل البركة فاصطدم رأسه بمضخة المحرك الموجود في تلك البركة، فخرج على جناح السرعة ورأسه يقطر دما، فأرسل والدي إلى ابن عمي الذي كان يبعد عن البركة بنفس المسافة تقريبا 2 كم، وبعد وصوله قفز داخل البركة باحثا عني في بركة مساحة طولها عشرة أمتار وعرضها عشرة أمتار، وبعد مرور أكثر من نصف ساعة تم العثور علي بعد أن توقف قلبي وتغير لون جسمي.
وبعد إخراجي من تلك البركة توجهوا بي إلى السيارة لنقلي إلى المستشفى، ولسوء حظي تعطلت تلك السيارة، فاضطر والدي لإرسال أخي إلى جيراننا ليخبرهم بالفاجعة، وبعد مرور حوالي ربع ساعة، جاء ابن عمي لينقلني على جناح السرعة إلى المستشفى الذي يبعد عنا بحوالي 2.5 كم، وبعد وصولي إلى المستشفى عاينني الطبيب، ثم خرج إلى والدي ليخبره أنني قد فارقت الحياة بسبب توقف قلبي...
وبعد مدة قصيرة شعرت ببرد شديد يسري في جسدي وكأنا سكرات الموت بدأت بقدماي، ففتحت عيناي لأجد والدي باكيا عند راسي ظنا منه أنني فارقت الحياة، فطلبت منه أن يغطيني، فأحضروا لي الكثير من الأغطية لكن دون جدوى، لأنني لازلت أشعر بالبرد، فتم نقلي إلى مستشفى "بني سليمان"، وبعد إجراء عدة فحوصات تبين أنني قد أصبت بداء الروماتيزم.
مكثت في هذا المستشفى أكثر من شهرين متتابعين، ووضعوا لي أكثر من ثمانون كيس صيروم... حتى اضطررت إلى الهرب من هذا المستشفى، وبعد رجوعي إلى هذا الأخير قرر الأطباء إخراجي وعدت إلى بيتي وعائلتي بعد طول انتظار.
وبينما كنت في المستشفى كان زملائي يدرسون في الفصل الثاني من السنة الثامنة في المتوسطة، وبعد خروجي ساعدوني في كتابة الدروس، والمراجعة مع بعضنا البعض في منزلي (النذير كحلوش، رفيق بومجاجي، رابح بارة، أحمد سيلة رحمه الله)، وبعد ذلك توجهت لاجتياز امتحانات الفصل الثاني، حيث تحصلت على المرتبة الأولى بمعدل 18.04، وتم تكريمي بمناسبة يوم العلم.


طردوني من الثانوية لأنني متفوق:
       بعد حصولي على المرتبة الأولى في شهادة التعليم المتوسط، انتقلت إلى الثانوية، وجرت الدراسة في ظروف عادية، حتى وصول الامتحانات، وبعد اجتيازها وظهور العلامات، تفاجأت باتهامي أنا وصديقي بالغش لأننا تحصلنا على العلامة الكاملة في مادة الفيزياء (20/20)، وحاول أستاذ هذه المادة إحالتنا على المجلس التأديبي !!! لولا تدخل بعض الأساتذة حفظهم الله، ومع اقتراب امتحانات الفصل الثاني اجتزتها بطريقة عادية وتحصلت على المرتبة الأولى، ففرحت كثيرا وانتظرت لحظة تكريمي في هذه المدينة الجديدة.
       ولكن حدث معي أمر عجيب لم أجده في ثانوية أخرى إلى حد الساعة، فبمناسبة يوم العلم كنت أنتظر تكريمي، ولكن تفاجأت بطردي أمام باب الثانوية أنأ وزميلاي، أحدهما يعمل الآن ضابط في البحرية التجارية، والآخر ضابط في الجيش الشعبي الوطني، وكان سبب ذلك رغبة الإدارة في تكريم ابنة مسعور معروف في تلك المنطقة !!!.

الباكالوريا... منعرج خطير:
كنت أطمح لدخول المدرسة العليا للطيران بعد تحصلي على أعلى معدل في الباكالوريا، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان، نعم فقد تحصلت على معدل عشرة فقط، لأصاب بعدها بانهيار نفسي خلط كل أوراقي وحساباتي، وكان ذلك بسبب خطا بسيط وهو كتابة الاسم واللقب في الورقة الإضافية في كل من الرياضيات والفيزياء والعلوم الطبيعية.
الجامعة... صدمة نفسية:
دخلت الجامعة وكلي حزن وأسى، وتم توجيهي إلى دراسة العلوم الاقتصادية، فحاولت تمالك نفسي وتجديد إرادتي وكنت من الطلبة الأوائل في السداسي الأول، ولكن لم أستطع الاستمرار أكثر، فحزمت أمتعتي وغادرت الجامعة، وكلي أمل في إعادة البكالوريا والحصول على معدل أعلى يمكني من تحقيق طموحي، فتفرغت للتحضير والاجتهاد طيلة سنة كاملة، ولكن الله شاء أمرا آخر، فقد تحصلت على نفس المعدل تقريبا، لأدخل من جديد في صراع نفسي وضغوطات مؤلمة، وحاولت تجاوز الأمر، وقررت دخول الجامعة مرة ثانية، فسجلت في تخصص اللغة الفرنسية، وواصلت الدراسة وكلي حزن وأسى، ولكنني لم استطع أن أواصل دراستي لأسباب لم أعرفها إلى حد الساعة، فقد كنت أغادر الجامعة بدخول فصل الربيع ( وأنا من مواليد هذا الفصل)، فحزمت أمتعتي وقررت ألا أعود إلى الجامعة إلى الأبد.
عودة التفوق:
بعد مرور ثلاث سنوات قضيتها بعيدا عن الجامعة، قررت العودة اليها من جديد، وهذه المرة وضعت نصب عيناي المرتبة الأولى، وعند عودتي إلى الجامعة فوجئت بالرفض، ونقلت الأمر إلى مدير الكلية آنذاك الدكتورة ف. بولفراد فقالت لي بالحرف الواحد: "أعيدك إلى الجامعة شرط أن تكون من المتفوقين" فوافقت على الأمر وتفرغت إلى البحث العلمي والجد والاجتهاد في تخصص الإعلام والاتصال، وتحصلت على المرتبة الأولى بالجامعة وتم تكريمي بحضور تلك المديرة، فقلت لها: "لقد وفيت بعهدي لك"، وبعد التكريم عدت إلى بيتي وكلي أمل في الحصول على شهادة الماجستير باعتباري حائز على المرتبة الأولى.


الدراسات العليا بين لذة العلم وألم الحياة:
عدت إلى الجامعة لأتفاجأ بقرار عدم فتح مسابقة الماجستير في تلك السنة، لأصاب بصدمة أخرى، وذهبت جهودي سدى، وراح تعبي وتفوقي أدراج الرياح، ماذا أفعل بالمرتبة الأولى التي أفنيت عمري جريا خلفها... فقررت التخلي عن الدراسة من جديد، والتفرغ لحياتي المهنية.
وبعد أخذ ورد، وتفكير مضني، واستخارات كثيرة، قررت أن أشارك في مسابقات الماجستير في جامعات أخرى لعل الله يوفقني لإتمام الدراسات العليا في إحدى جامعات الوطن، وكذلك كان الأمر فقد كتب الله لي أن أواصل دراستي بجامعة الجزائر3، ولكن لم أفرح بهذا النجاح كثيرا، فسرعان ما توفي والدي وترك لي مسؤولة بحجم الجبال، ومشاكل عائلية يندى لها الجبين، فأصبحت أنا المسئول الأول على عائلتي، وازدادت الضغوطات وتأزمت الأوضاع، وساءت حالتي المادية، وشريكي في العمل أخذ مني سبعون مليون سنتيم ورفض ارجاعها، وتدهورت صحتي، بالإضافة إلى أنني مبحوث عنه من طرف الخدمة الوطنية، وتحضيرات الزواج تنتظرني، والبطالة تهددني... فاجتهدت كثيرا لأوفق بين دراستي وبين عملي، وهذا من أصعب الأشياء التي قد مرت علي في حياتي... ورغم كل هذا فقد وفقني الله للإتمام الدراسات العليا، وتحصلت على شهادة الدكتوراه بدرجة مشرف جدا.
طردوني منها تلميذا وعدت إليها محاضرا:
نفس الثانوية التي طردوني منها بمناسبة يوم العلم، دعوني لأقدم لهم محاضرة في النجاح، وقبلت الدعوة وحاضرت في هذه الثانوية لدعم التلاميذ بمحاضرة موسومة بعنوان "أسرار النجاح"....
... يتبع


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.