أخبار الإنترنت
recent

من الحشيش الطبيعي إلى الحشيش الإعلامي

                                                   
الحشاشون... تنظيم سري خطير، مهندسه خبير، أتباعه مرضى، والهدف الجنة، ثالوث وهمي بمفارقات عجيبة، فكيف يحدث ذلك؟
الحشيش الطبيعي:
مهندس هذا التنظيم كان خبيرا كيميائيا لا يسعى إلى معالجة مرضاه، يتمنى أن يبقوا على هذه الحالة مدى الحياة، والأتباع مرضى لا يمتثلون للشفاء ولا أمل في شفائهم، والهدف الجنة ولكنها جنة وهمية، نعم حقائق متناقضة تستدعي المزيد من التفصيل، فقد كان المهندس مختصا في الكيمياء وهو من اكتشف المخدر، واستغل أتباعه من الحمقى وضعاف العقول لتنفيذ أقوى عمليات القتل وأبشعها على الإطلاق، فكان يسمى شيخ الجبل، لأنه كان يقيم في مكان واقع بين جبلين، وكان أول من اكتشف المخدر، وقد حول تلك المنطقة إلى جنة حقيقية بها من كل الثمرات، وفيها أفضل المناظر الطبيعية، كما زودها بأجمل النساء في العالم، وأجرى فيها من الوديان والأنهار ما يجعلها تبدو جنة حقيقية، و"عندما يريد أن يرسل أحد حشاشيه في مهمة فانه يأمر بإعطاء المخدر الذي تحدثت عنه من قبل إلى أحد الشبان في الحديقة ثم يحملونه إلى القصر، ولذا فانه عندما يستيقظ يجد نفسه في القلعة وليس في الفردوس"[1]. أي عندما يريد أن يقتل شخصا ما فانه يأتي بأحد أتباعه ويضع له المخدر ويبدأ في سرد تفاصيل عن الجنة، وما ينتظره فيها من الحور والمأكولات والملذات، وبعد أن يغيب وعيه ينقل بسرعة إلى تلك الجنة ويترك بداخلها ليشاهد ما فيها من الملذات، ثم يعطى جرعة أخرى ويعاد به إلى شيخ الجبل، وعندما يفيق يسأل الشيخ هما رآه، فيجيبه قائلا: أنت لم تغادر مكانك أبدا، وإنما تلك الجنة ستدخلها -إن شاء الله- بعد أن تتخلص من أعداء الله (الشخص المقصود)، وبعد أن يحشو عقله بان هذا الشخص يستحق الموت، ينطلق لقتله ويطارده شر مطاردة أرعبت جميع خصوم هذا الشيخ، لان هدف القاتل هو دخول الجنة التي رآها !!!.
الحشيش الاعلامي:
إذا أسقطنا هذه الفكرة على الإعلام اليوم نجدها متطابقة، فكيف ذلك؟، نعم فالكثير من مهندسي البرامج الإعلامية خبراء مزيفون، وغالبية الجمهور مريض، والهدف الجنة !!! فخبراء الإعلام لا يسعون لمصلحة الجمهور وتلبية حاجاته الثقافية وإنما يسعون لتحقيق الربح وتكوين الثروة، أما الجمهور فهو مريض قد تم تخدير عقله بالتفاهة، والأمور السطحية، والبرامج الرديئة، والمسلسلات الهابطة، والأفلام الساقطة، والأغاني الماجنة، والأخبار الطوفانية الغزيرة والمتناقضة التي تؤدي إلى صعوبة الفهم واستحالة التحليل، وبالتالي إضعاف الملكة النقدية لدى الفرد، بالإضافة إلى التركيز على المواضيع التي تخاطب العاطفة لا العقل مثل الحصص الاجتماعية والمسلسلات التي تجعل الجمهور يستخدم العاطفة بدل العقل في دعوة صريحة إلى وأد العقل وتخديره، والهدف من كل هذا هو الجنة المزعومة التي يتم من خلالها تحقيق سعادة الجمهور وذلك بتلبية حاجياته، والنزول إلى رغباته، وتحقيق ميولاته، وتوفير كل ما يطلبه هذا الأخير، حتى يعيش في سعادة وهناء !!!
فهل يدرك السعادة من لا عقل له؟ وهل يشعر بالنعيم من فقد عقله؟ وهل السعادة في الانغماس في الرداءة؟ وهل السعادة في انحطاط الأخلاق؟ فما أشبه الحشيش الطبيعي (المخدر) بالحشيش الإعلامي.






[1] - برنارد لويس: الحشاشون (فرقة ثورية في تاريخ الإسلام)، ترجمة: محمد العزب موسى، مكتبة مدبولي، ط2، القاهرة، 2006، ص: 21.
الدكتور جمال زاوي

الدكتور جمال زاوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.