أخبار الإنترنت
recent

المثقف الأليـف


سنكتشف في هذا المقال كيف أصبح المثقف أليفا؟ وما هي السلطات التي ساهمت في ترويضه؟

الترويض الفطري:
       كل إنسان في هذا الوجود يخضع إلى سلطة عليا "الإله" التي تجعله دائم الخوف والخضوع، وهذا أمر فطري فهو داخل في عموم الطاعة، ولكن كلما كان التدين متطرفا كلما كان الإنسان أكثر ترويضا، ثم ينتقل المرء إلى الخضوع إلى سلطة الوالدين فإذا كانا قاسيان ومتسلطان فهذا سيزيد من ترويض الفرد، ثم يدخل هذا الأخير في نظام اجتماعي مهيكل ومقنن ليجد نفسه خاضعا للحاكم، وكلما كان الحاكم مستبدا كان الفرد أكثر ترويضا....

الترويض المدرسي:
       يتم ترويض المثقف عبر إخضاعه لسلطة عليا (المعلم) لفترة زمنية طويلة قد تمتد من الابتدائية إلى الجامعة، وكلما كان المعلم متسلطا كلما كان المثقف أكثر ترويضا.. ويزداد المثقف ترويضا كلما واصل تكوينه الجامعي فهو يخضع بمرور الوقت لمزيد من السلطات المروضة (الأستاذ، الإدارة، المشرف، لجنة المناقشة...) كل هذه السلطات تعمل على زرع بذور الخوف والخضوع في نفسية المثقف.



الترويض الوظيفي:
       بعد دخول المثقف الأليف إلى عالم الشغل يجد سلطة من نوع آخر، إنها سلطة الهرم الإداري بدء بالمسئول المباشر إلى أعلى قمة الهرم، كلهم يساهمون في فرض نوع معين من الترويض تارة باستخدام السوط الديمقراطي (القانون) وتارة أخرى بتتبع العثرات، وتارة أخرى بالكيد والخداع...  

العبودية الديمقراطية:
       دخول المثقف إلى عالم الوظيفة يجعله دائم الارتباط والخوف من فقدانها، كما أنها ترفعه إلى مستوى اجتماعي معين، وتكسبه نوع من الاحترام الوهمي الذي يجعله خائفا من فقده، فتراه يفعل كل شيء في سبيل تلك الوظيفة، وفي المقابل لا يمكنه أن يمارس نشاطا حرا يقيه شر الترويض، لأنه أفنى حياته وكل وقته في سبيل الوظيفة التي تعتبر عبودية في قالب معاصر.

       حتى يمارس المثقف عمله بكل حرية يجب عليه أن يتخلص من تلك الضغوطات، وعليه أن يحافظ على استقلاليته... فالعقل لا يعمل تحت الضغط... وأفضل طريقة لذلك هو  "العمل الحر"... فمعظم العلماء والمفكرين اشتغلوا بأعمال حرة.

الدكتور جمال زاوي

الدكتور جمال زاوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.