أخبار الإنترنت
recent

العقل الغارق في الطوفان المعلوماتي


       لنكتشف معا كيف يغرق العقل في الطوفان المعلوماتي؟ ! وكيف يصاب العقل بالسمنة المعلوماتية؟ ! وكيف يتحول العقل إلى حاوية نفايات معلوماتية؟ !
الطوفان المعلوماتي:
الطوفان المعلوماتي هي إستراتيجية تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا الغربية للتعامل مع المعلومات, فهي تعني إغراق الشعوب بالمعلومات حيث يتم تحميل عقول الناس بالكثير من المعلومات غير المترابطة, وهي في أغلبها معلومات مسلية ذات نوعية منخفضة, وفي الكثير من الأحيان تكون متناقضة, وتعطي الانطباع بأنها موضوعية.
هدف الطوفان:
       فظاهر هذه الوسائل هو توفير أكبر قدر من المعلومات, وبسرعة فائقة, وفي شتى المجالات, لكن باطنها شيء آخر تماما, فمعظم هذه المعلومات تافهة, وغير صحيحة, ومتناقضة, وصعبة التحليل, وينفي بعضها بعضا, وبالتالي تؤدي إلى الإصابة بالسمنة المعلوماتية التي تضر العقل أكثر مما تفيده, كما تضر السمنة بالجسم, كما أن السرعة في تدفق المعلومات تزيد الطين بلة, حيث تضعف قدرة العقل على الفهم, وتوهن طاقته الاستيعابية, وتشتت تحليله المنطقي, مما يجعل هذا الأخير يقف عاجزا أمام هذا الطوفان المعلوماتي.
الطوفان يدمر العقل:
       يؤكد دافيس الأخصائي في أمراض الرمد والعيون, والاختصاصي في البيولوجيا العصبية في جامعة كاليفورنيا أن "وابل المعلومات الشفهية والبصرية والمعلومات المضللة تتسبب في احتمال إحداث تلف دائم ومستمر في أذهاننا". فكثرة المعلومات تعمل على تخريب العقل.
       إن عدم ترابط تلك المعلومات وتناقضها يخل بأحد المبادئ المنهجية للعلم الصالحة للتطبيق فيما يتعلق بالنشاط الإنساني, والمتمثل في الحتمية البيئية المتعلقة بالاعتراف بالترابط الداخلي, وعندما يتم تجاهل كلية قضية اجتماعية ما, عمدا, وتقدم نقاط متفرقة متعلقة بها بوصفها (معلومات) فان النتائج مضمونة مقدما, وهي في أحسن الأحوال العجز عن الفهم والجهل, وفتور الشعور, واللامبالاة بالنسبة لأغلب الناس.
من الأحداث المتفرقة إلى الأفكار المتفرقة:
       كما تسعى وسائل الإعلام إلى تشتيت العقل وتشويش التفكير عن طريق التركيز على الأحداث المتفرقة التي يصعب الربط بينها مخصصة مكان الصدارة –إن لم يكن كل الحيز- للأحداث المتفرقة أو للأخبار الرياضية. وفي كثير من الأحيان تكون هذه الأحداث متناقضة وجد متباعدة ومتنافرة لا يستطيع العقل الربط بينها ولا تحليلها ولا فهمها, معتمدة في ذلك على مبدآ التجزيء والتقطيع الذي يضعف العقل ويشتته في نفس الوقت, ومن أمثلة البرامج التي تعمل على تشتيت العقل نجد برامج الحوار أو الرأي والرأي الآخر, التي تعتمد على استعراض العديد من الآراء التي تكون في الغالب متعارضة ومتناقضة وتزيد من صعوبة الموازنة بينها, واستخراج الرأي الصائب من بين عشرات الآراء المتباينة[1].
       ينبغي ألا نجعل عقولنا مثل حاويات النفايات، والمزابل التي ترمى فيها كل أنواع القمامات المعلوماتية، وذلك باستهلاك واستقبال كل المعلومات دون نقد أو تمحيص، فالعقل مثل الجسم لا يستهلك كل شيء.


[1]-للاطلاع أكثر أنظر: جمال زاوي، محرك المنظومة القيمية في ظل الاحتلال الإعلامي -مقاربة تحليلية، مجلة الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والإنسانية، العدد 19، جانفي 2018.

الدكتور جمال زاوي

الدكتور جمال زاوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.